سورة الأنبياء - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)}
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون} قال: يحيون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون} يقول: ينشرون الموتى من الأرض، يقول: يحيونهم من قبورهم.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أم اتخذوا آلهة من الأرض} يعني مما اتخذوا من الحجارة والخشب. وفي قوله: {لو كان فيهما آلهة إلا الله} قال: لو كان معهما آلهة إلا الله {لفسدتا فسبحان الله رب العرش} يسبح نفسه تبارك وتعالى إذا قيل عليه البهتان.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {لا يسأل عما يفعل} قال: بعباده {وهم يسألون} قال: عن أعمالهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} قال: لا يسأل الخلاق عما يقضي في خلقه، والخلق مسؤولون عن أعمالهم.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن ابن عباس قال: ما في الأرض قوم أبغض إليّ من القدرية، وما ذلك إلا لأنهم لا يعلمون قدرة الله تعالى. قال الله: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون}.
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في بعض ما أنزل الله في الكتب: إني أنا الله لا إله إلا أنا، قدرت الخير والشر فطوبى لمن قدرت على يده الخير ويسّرْتُه له، وويل لمن قدرت على يده الشر ويسرته له.. إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أُسْأَل عما أفعل وهم يسألون، فويل لمن قال وكيف».
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ميمون بن مهران قال: لما بعث الله موسى وكلمه وأنزل عليه التوراة قال: اللهم إنك رب عظيم، لو شئت أن تطاع لأطِعْت، ولو شئت أن لا تُعْصَى ما عُصِيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى! فكيف هذا يا رب؟ فأوحى الله إليه: «إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون».
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن نوف البكالي قال: قال عزير فيما يناجي ربه: «يا رب، تخلق خلقاً {تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء} [ الأعراف: 155] فقال له: يا عزير، أعرض عن هذا. فأعاد، فقيل له: لتعرضن عن هذا وإلا محوتك من النبوّة، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون».
وأخرج البيهقي عن داود بن أبي هند، أن عزيراً سأل ربه عن القدر فقال: سألتني عن علمي، عقوبتك أن لا أسميك في الأنبياء.
وأخرج الطبراني من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: لما بعث الله موسى عليه السلام وأنزل عليه التوراة قال: اللهم إنك رب عظيم ولو شئت أن تطاع لأطعت، ولو شئت أن لا تُعْصى ما عُصِيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى، فكيف يا رب!؟ فأوحى الله إليه: إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون. فانتهى موسى.
فلما بعث الله عزيراً وأنزل عليه التوراة بعد ما كان رفعها عن بني إسرائيل، حتى قال: من قال: إنه ابن الله؟ قال: اللهم إنك رب عظيم، ولو شئت أن تطاع لأُطِعْت، ولو شئت أن لا تُعْصى ما عُصِيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى، فكيف يا رب!؟ فأوحى الله أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون. فأبت نفسه حتى سأل أيضاً فقال: أتستطيع أن تصرّ صرة من الشمس؟ قال: لا. قال: أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح؟ قال: لا. قال: أفتستطيع أن تجيء بمثقال من نور؟ قال: لا. قال: أفتستطيع أن تجيء بقيراط من نور؟ قال: لا. قال: فهكذا إن لا تقدر على الذي سألت إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون، أما أني لا أجعل عقوبتك إلا أن أمحو اسمك من الأنبياء فلا تذكر فيهم. فمحي اسمه من الأنبياء فليس يذكر فيهم وهو نبي.
فلما بعث الله عيسى ورأى منزلته من ربه وعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، قال: اللهم إنك رب عظيم، لو شئت أن تُطاع لأطِعْت، ولو شئت أن لا تعصى ما عُصيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى! فكيف هذا يا رب؟ فأوحى الله إليه: إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون، وأنت عبدي ورسولي وكلمتي ألقيتك إلى مريم وروح مني، خلقتك من تراب ثم قلت لك كن فكنت، لئن لم تنته لأفعلن بك كما فعلت بصاحبك بين يديك... إني لا أسال عما أفعل وهم يسألون. فجمع عيسى من تبعه وقال: القدر سرّ الله فلا تكلفوه.


{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم} يقول: هاتوا بينتكم على ما تقولون {هذا ذكر من معي} يقول: هذا القرآن فيه ذكر الحلال والحرام {وذكر من قبلي} يقول: فيه ذكر أعمال الأمم السالفة وما صنع الله بهم وإلى ما صاروا {بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون} عن كتاب الله {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} قال: أرسلت الرسل بالإخلاص والتوحيد لله، لا يقبل منهم حتى يقولوه ويقروا به، والشرائع تختلف في التوراة شريعة وفي الإنجيل شريعة وفي القرآن شريعة، حلال وحرام فهذا كله في الإخلاص لله وتوحيد الله.


{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29) أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)}
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه قال: قالت اليهود: إن الله عز وجل صاهر الجن فكانت بينهم الملائكة. فقال الله تكذيباً لهم {بل عباد مكرمون} أي الملائكة ليس كما قالوا، بل هم عباد أكرمهم الله بعبادته {لا يسبقونه بالقول} يثني عليهم {ولا يشفعون} قال: لا تشفع الملائكة يوم القيامة {إلا لمن ارتضى} قال: لأهل التوحيد.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إلا لمن ارتضى} قال: لمن رضي عنه.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {إلا لمن ارتضى} قال: قول لا إله إلا الله.
واخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إلا لمن ارتضى} قال: الذين ارتضاهم لشهادة أن لا إله إلا الله.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في البعث، عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول الله: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} فقال: «إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي».
وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليلة أسري بي مررت بجبريل، وهو بالملأ الأعلى ملقى كالحلس البالي من خشية الله».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {ومن يقل منهم} يعني من الملائكة {إني إله من دونه} قال: ولم يقل ذلك أحد من الملائكة إلا إبليس، دعا إلى عبادة نفسه وشرع الكفر.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {ومن يقل منهم إني إله من دونه...} الآية. قال: إنما كانت هذه خاصة لإبليس.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كانتا رتقاً ففتقناهما} قال: فتقت السماء بالغيث، وفتقت الأرض بالنبات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كانتا رتقاً} قال: لا يخرج منهما شيء {ففتقناهما} قال: فتقت السماء بالمطر وفتقت الأرض بالنبات.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية من طريق عبدالله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً أتاه فسأله عن {السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله ثم تعالَ فأخبرني ما قال. فذهب إلى ابن عباس فسأله قال: نعم، كانت السماء رتقاء لا تمطر وكانت الأرض رتقاء لا تنبت، فلما خلق الله الأرض فتق هذه بالمطر وفتق هذه بالنبات.
فرجع الرجل على ابن عمر فأخبره فقال ابن عمر: الآن علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علماً، صدق ابن عباس هكذا كانت.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كانتا رتقاً} قال: ملتصقتين.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد حميد وابن المنذر وأبو الشيخ، عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن الليل، كان قبل أم النهار؟ قال: الليل. ثم قرأ {إن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما} فهل تعلمون كان بينهما إلا ظلمة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {كانتا رتقاً ففتقناهما} قال: فتق من الأرض ست أرضين معها، فتلك سبع أرضين بعضهن تحت بعض، ومن السماء سبع سموات منها معها، فتلك سبع سموات بعضهن فوق بعض ولم تكن الأرض والسماء مماستين.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله: {كانتا رتقاً ففتقناهما} قال: كانت السماء واحدة ففتق منها سبع سموات، وكانت الأرض واحدة ففتق منها سبع أرضين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله: {كانتا رتقاً ففتقناهما} قال: كانتا جمعاً ففصل الله بينهما بهذا الهواء.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كانت السموات والأرضون ملتزقتين، فلما رفع الله السماء وابتزها من الأرض، فكان فتقها الذي ذكر الله.
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، «عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء، قال: كل شيء خلق من الماء».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال: نطفة الرجل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال: خلق كل شيء من الماء، وهو حياة كل شيء.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8